Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
إنهــاء الخـــدمــة بين تطور الحماية التشريعية وفاعلية الرقابة القضائية /
المؤلف
جوده، أسامه صلاح سالم.
هيئة الاعداد
باحث / أسامه صلاح سالم جوده
.
مشرف / محمــــــد أنـــــــــس قاســـــم جعفـــــر
.
مشرف / عبدالمجيد عبدالحفيظ سليمان
.
مشرف / محمد ماهر أبو العينين
.
الموضوع
القانون العام.
تاريخ النشر
2022.
عدد الصفحات
706 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
الناشر
تاريخ الإجازة
13/2/2022
مكان الإجازة
جامعة بني سويف - كلية الحقوق - القانون العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

أهداف الدراسة يأتي اختيار موضوع ” إنهاء الخدمة بين تطور الحماية التشريعية وفاعلية الرقابة القضائية” كهدف دافع للبحث ومحلا للدراسة، بشأن تلك الأهمية البالغة للدور الذي تؤديه الوظيفة العامة في الجهاز الإداري للدولة، عبر شاغلها والمضطلع بمهامها أَلا وهو الموظف العام، وما يمكن أنْ يعرض له من أسباب لا دخل لإرادته فيها، أو ما يخضع له من إجراءات تأديبية أو جنائية تؤثر بصور مختلفة ومتعددة على استمرار بقائه في الخدمة شاغلا للوظيفة العامة ويكون لها مردودها على مستوى أدائه للعمل، مما ينعكس بدوره على حسن سير وانتظام المرفق العام ومستوى ما يقوم به من أعمال وما يقدمه من خدمات.
فإذا كانت العلاقة الوظيفية تتبوأ تلك الأهمية، وفي ذات الوقت تتعرض لما يضع حدا لها أو يعصف بها، فضلا عما يمكن رصده من تطورات أخرى أخذت تلحق هذه العلاقة في مواطن متعددة على صعيد كل من الحماية التشريعية والضمانات القضائية، وهو ما يجرى رده تارة الى الرغبة في إصلاح وتقويم الجهاز الإداري، وتارة أخرى إلى الظروف والأوضاع الاقتصادية، والتي تدفع باتجاه تقليل النفقات بتقليص أعداد من يشغلون الوظائف العامة، وذلك بالترغيب في إنهاء العلاقة الوظيفية عن طريق التسويات المبكرة.
- منهج الدراسة :
اعتنقت هذه الدراسة منهجا قوامه المزج بين المنهج الوصفي والمنهج القائم على الاستقراء والتحليل والاستخلاص، حيث تتخذ من النظام المصري أساسا ومحلا لها، ثم تسعى جاهدة نحو رصد جوانب الموضوع على صعيد التشريعات ذات الصلة، واستقراء الشروح والآراء الفقهية التي تناولت عناصر الموضوع، ثم الوقوف على نهج القضاء والمبادئ التي استخلصها وأرساها، فضلا عن تلمس بعض عناصر الدراسة في الفقه والتشريع المقارن كلما أمكن ذلك.
- تقسيم وخطة الدراسة:
تم تقسيم الدراسة إلى بابين، يسبقهما فصل تمهيدي، على النحو الآتي:
الفصل التمهيدي: أركان ومقومات العلاقة الوظيفية.
المبحث الأول: مفهوم الوظيفة العامة والموظف العام
المبحث الثاني: طبيعة العلاقة الوظيفية وحق تقلد الوظائف العامة
المبحث الثالث: مقومات العلاقة الوظيفية.
الباب الأول: أسباب انهاء الخدمة والاثار المترتبة عليها.
الفصل الأول: إنهاء الخدمة دون إرادة من الموظف ” بقوة القانون”
الفصل الثاني: انهاء الخدمة لأسباب ترجع إلى إرادة الموظف.
الفصل الثالث: الأسباب الأخرى لإنهاء الخدمة .
الباب الثاني: سبل الحماية من قرارات إنهاء الخدمة وآثارها.
الفصل الأول: قرار انهاء الخدمة وسبل الحماية غير القضائية من آثاره.
الفصــل الثاني: أهم المسائل التي تسبق تناول المحكمة لموضوع دعوى الإلغاء.
الفصل الثالث: الرقابة القضائية ” الموضوعية” على القرارات الصادرة بإنهاء الخدمة.
- نتائج الدراسة :
أولاً: أن علاقة الموظف بالدولة هي علاقة تنظيميه تحكمها القوانين واللوائح وتسمح للإدارة بتناول هذه العلاقة تنظيما وتعديلا في اطار المبادئ الدستورية والقواعد التشريعية .
ثانيًا: أن الحق في تقلد الوظائف العامة بما في ذلك التعيين في الجهات والهيئات القضائية وغيرها، وعلى قدم المساواة بين الرجل والمرأة، قد بات واجبا دستوريا يتعين الانصياع لحكمه ويقع على عاتق الدولة كفالته وتكريس كافة السبل لتحقيقه وحمايته في الواقع.
ثالثًا: إن شغل الوظائف العامة بطريق المسابقة، وإن كان له بعض المزايا فيما يؤمل فيه من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، إلا انه ومن زاوية أخري قد يفتح أمام السلطة الإدارية المختصة بالتعيين باب المحسوبية والمحاباة ما لم يوضع لذلك من الضوابط الموضوعية ما يضمن - وبخاصة في اللجان التي يسند اليها وضع الامتحانات والاختيار والتعيين- التجرد والحياد والاستقلالية، والبعد عن كافة المؤثرات السياسية والضغوط والأهواء الشخصية.
رابعًا: إن اعتماد طريق الإعداد والتأهيل الفني سبيلا لشغل الوظائف العامة، عبر قيام جهة الإدارة بإنشاء معاهد ومدارس فنية متخصصة، تتولى اعداد الأشخاص الراغبين في تولي الوظائف العامة، والتي تعد الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب - التي أنشئت في مصر حديثا- نموذجا لها، يظل تقديره رهينا بما يسفر عنه تقييم هذا الأسلوب بالنظر الي حجم الجهد والنفقات التي تتكبدها الدولة في هذا السبيل وفضلا عن ذلك - وهو الأهم- مدى تخلص هذا الأسلوب من آفات الاختيار وما قد يعتريه من انحرافات عن الهدف والغاية، وأيضا ما ستقدمه هذه الأكاديمية من نتائج باتجاه الآمال المعقودة عليها والأهداف المراد تحقيقها.
خامسًا: أن شرط السيرة الحميدة والسمعة الحسنة من الشروط الهامة التي يتطلبها تقلد الوظائف العامة والذي يلعب دورا هاما في التخطي من شغل الوظيفة.
سادسًا: أن انهاء الخدمة بطريق الفصل بغير الطريق التأديبي لايزال له مجال تشريعي آخذ في الاتساع.
سابعًا: أن تطهير الجهاز الاداري والمجتمع الوظيفي عموما ممن يتعاطون المواد المخدرة لا يزال يحتاج الي خطوات واجراءات عملية واقعية مستمرة جادة وحاسمة في هذا السبيل.
ثامنا: اسقاط الإنذار كإجراء كان يتعين اتخاذه قبل اصدار قرار انهاء الخدمة للانقطاع.
تاسعا: أن ثمة اتجاه عام عبر عنه المسلك التشريعي نحو التوسع في تشجيع التسوية المبكرة للحالة الوظيفية بطريق الاحالة الى المعاش المبكر للأسباب والاعتبارات التي تناولناها في موضعها من هذه الدراسة.
عاشرًا: أن ثمة توجه نحو تمديد سن الإحالة إلى المعاش، كشف عنه قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019 ليصل تدريجيا إلى سن الخامسة والستين في سنة 2040م.
حادي عاشر: أن المشرع قد أدخل تعديلات جادة وهامة على دور لجان التوفيق في بعض المنازعات بموجب القانون رقم 6 لسنة 2016 وان وضعَها موضع التنفيذ سيضمن لهذا الدور قدرا معقولا من الإيجابية والفائدة العملية.
ثاني عشر: أنه وعلى رغم مما تبذله الدولة - في ضوء واقع الظروف والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية- من محاولات لرفع قيمة مبالغ الراتب التقاعدي او المعاش المترتب على انهاء الخدمة فإن الهوة لا تزال شاسعة بين ما يستحقه الموظف كراتب بمعناه الشامل اِبان وجوده في الخدمة، وبين ما يصرف له كراتب تقاعدي، حيث يهوى الراتب التقاعدي إلى القدر المتدني الذي لا يكاد يسد المتطلبات الحياتية الأساسية.
ثالث عشر: انه والى الان لم يصدر قانون الاجراءات او المرافعات الإدارية أمام قضاء مجلس الدولة.
رابع عشر: إن مما يلاحظ على تطور الحماية التشريعية للعلاقة الوظيفية أنها قد جنحت - وفي مواضع متعددة مما رصدناه في هذه الدراسة - الى تناول العديد من العناصر التي تمثل ركائز وضمانات هامة لحماية هذه العلاقة والعمل على استمرارها بيد انها في حقيقة الامر عملت على تقليصها أو تجريدها من هذه الصفة، بل وتقييد سلطة جهة الإدارة حيال تقدير ووزن الأمور في بعض المواضع التي يمكن ان تمثل ضمانة وحماية للموظف ونخص منها هنا وعلى سبيل المثال ما يتعلق بالحكم الجنائي كسبب لإنهاء الخدمة حيث أضاف إلى حالة العقوبة المقيدة للحرية، والمرصودة للجنح- حالة أخرى إلى جانب كونها مخلة بالشرف أو الأمانة حالة ما إذا كان من شأنها أن تفقده الثقة والاعتبار كما لم يعتد بما إذا كان الحكم قد جاء مشمولا بوقف التنفيذ، ومن ثم تنهى خدمة الموظف بموجب الحكم الجنائي بغض النظر عن اقترانه بوقف التنفيذ.
خامس عشر: ان المسلك التشريعي في قانون الخدمة المدنية الحالي قد أسقط تماما، الدور الذي كان مقررا للجنة شئون العاملين، - لجنة الموارد البشرية في القانون الحالي- في ان يكون لها سلطة تقديرية، إذا كان الحكم قد صدر ضد الموظف لأول مرة، إذ كانت تستطيع أن تمنع هذا الحكم من إنهاء خدمة الموظف، إلا إذا قدرت بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم، وظروف الواقعة، أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل، فمسلك المشرع- في هذا الموضع وفي مواضع أخرى تم تناولها حسب سياق الدراسة وفيما تضمنته المادة 69م من قانون الخدمة المدنية الحالي ، يدل على أن مسلكه في قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 في المادة كان أقرب للعدالة والأنصاف واكثر هوادة فيما كان قد قرره من وقف أثر الحكم الصادر لأول مرة في العلاقة الوظيفية، مع إعطاء الجهة الإدارية سلطة تقديرية لإعماله فالموظف إنما هو في النهاية بشر ، واحتمال تعرضه لما قد يتعرض له الناس كافة من الوقوع فيما يخالف القانون ويستوجب العقاب هو احتمال وارد، والجرائم ليست كلها نوعا واحدا، ولا يدل كل منها على عدم صلاحية الشخص لتولي الوظيفة العامة ، ولذا فقد كان الأولى بالمشرع أن يجعل الأمر خاضعا لسلطة الإدارة التقديرية لجهة الإدارة بناء على فحص كل حالة على حده .
- توصيات الدراسة :
أولا: أن علاقة الموظف بالدولة – حسب السائد والمقرر- هي علاقة تنظيميه تحكمها القوانين واللوائح وتسمح للإدارة بتناول هذه العلاقة تنظيما وتعديلا إلا أن ذلك يتعين ان يظل رهين الالتزام بضرورة مراعاة مبدأ المشروعية، والالتزام بالأصل العام المقرر والمتمثل في عدم رجعية القانون، وقاعدة تدرج القواعد القانونية، فضلا عن الالتزام بكافة المبادئ الدستورية وما تقرره من قواعد كقاعدة المساواة وغيرها، و ما تنص عليه من حقوق للمواطنين بصفة عامة وللموظفين بصفة خاصة كالحق في العمل وفي تقلد الوظائف العامة، فضلا عن ما قد يعلو كل ذلك من مبادئ ومعطيات مجتمعية وواقعية يتعين أخذها بعين الاعتبار.
ثانيا: أنه إذا كانت الدولة قد استشعرت ضرورة المساواة في تقلد الوظائف العامة وبخاصة في الجهات القضائية حيث صدرت توجيهات السيد رئيس الجمهورية في هذا الشأن بوجوب تعيين المرأة على قدم المساواة مع الرجل في القضاء العادي( النيابة العامة) ومجلس الدولة ووجد ذلك قبولا وتنسيقا بين الجهات المعنية بل وتفاعلا وتجاوبا -جزئيا- ملموسا من قبل مجلس الدولة لوضع هذه التوجيهات موضع التنفيذ، فالتفعيل الكامل لهذا المبدأ الذي يتصل مباشرة بالحق في تقلد الوظائف العامة دون مواربة لا يمكن القطع بإعماله بشكل تام ما لم تتخذ هاتين الجهتين الموقرتين من الإجراءات ما يضمن التنفيذ الناجع لما اقرته من توجه، والبادرة الأولى التي تثبت ذلك أن يُنص في أي اعلان يصدر من أي من الجهتين على ان تكون دفعة الخريجين المطلوبة من الذكور والاناث في آن واحد.
ثالثا: ضرورة إعادة النظر في سياسة وفلسفة الامتحانات والمقابلات لما تَجُره من ويلات، تطال الحقوق المقررة للمواطنين، أيا كان مصدرها، وتفتح بابا عظيما للمجاملات ومخالفة الضمير والقانون، ليضع من القواعد والقيود والضوابط ما يحول دون الالتفاف على شروط التعيين وافراغها من مضمونها عبر ما يعرف بالمقابلات الشخصية والامتحانات بأنواعها شفهية أو تحريرية، ليرتفع في المقام الأول شأن المؤهل العلمي ويصير المؤشر الحقيقي الدال على مستوي المرشح للوظيفة، متضافرا في ذلك مع الخبرات العلمية والعملية الأخرى
رابعا: أن استكمال منظومة الضوابط والإجراءات التي صاغها المشرع مستهدفا إصلاح نظام التعيين عبر طريق المسابقات والاختبارات واعتماد مركزية اتخاذ تلك الإجراءات، ( المادة 12 من قانون الخدمة المدنية الحالي والمادة 34 وما بعدها من اللائحة التنفيذية لهذا القانون) يجعلنا نهيب به أن يضع، إلى جانب ذلك، مجموعة أخري من الضوابط التي تستوجبها معطيات الواقع المعروف وطبيعة البيئة التي يجري فيها التعيين من صراع رهيب وتنافس شديد في ظل كثرة المتقدمين والمتطلعين وقلة المتاح من الوظائف الشاغرة، على أن تتعلق بعض هذه الضوابط أولا: بعناصر أو أعضاء اللجنة أو اللجان التي يعهد اليها باتخاذ أي إجراء من إجراءات التعيين وعلى النحو الذي يضمن أن يتوافر فيهم اقصى درجة ممكنة من الحياد والتجرد والاستقلال ثانيا: بعض الضوابط التي تتعلق بطبيعة ونوعية وحدود المضمون محل المسابقة أو الاختبار. ثالثا: ما يضمن احداث نقلة نوعية كبرى في طريقة وعناصر قياس الكفاءة والجدارة بشغل الوظيفة يكون من شأنها الحد من تدخل العنصر البشري وافساح المجال أمام تكنولوجيا المعلومات ونظام الحاسب الآلي، وعلى ان يكون الاستبعاد أو رفض التعيين مسببا تمكينا لفاعلية الرقابة القضائية عليه، وان يكون مجال السلطة التقديرية للإدارة في اضيق نطاق.
خامسا: أنه إذا كان شرط السيرة الحميدة والسمعة الحسنة من الشروط الهامة التي يتطلبها تقلد الوظائف العامة والاستمرار في شغلها فإنه يتعين ان يكون المحدد لهذا الشرط عناصر موضوعية تستند الي وقائع ثابتة قطعا في حق الشخص نفسه، فكل نفس بما كسبت رهينة ولا تزر وازرة وزر أخرى، وعلى أقصى تقدير فإنه يتعين الا يجاوز ذلك نطاق الاسرة الصغيرة لصاحب الشأن.
سادسا: أن المبادئ والضمانات الدستورية والقانونية تستوجب أن يظل طريق الفصل بغير الطريق التأديبي - كسبيل لإنهاء الخدمة- في اضيق نطاق وليكن نطاق الوظائف السياسية وان يتم تحديد حالاته في عبارات محددة منضبطة وان تُكفل لذلك الضمانات التي تضمن بلوغ غاية هذا الاسلوب دون الاضرار بحقوق الموظف، وعلى عاتق القاضي الإداري بحكم كونه قاضي فقه الواقع يقع الدور الأعظم في تحقيق فاعلية الرقابة القضائية بما يضبط تطبيق الأحكام الموضوعية ويصون الضمانات القانونية.
سابعا: أن تطهير الجهاز الاداري والمجتمع الوظيفي عموما ممن يتعاطون المواد المخدرة ولا يقيمون وزنا لشرف الوظيفة وعظم الامانة الملقاة على عاتقهم، وقبل ذلك كله تعظيم أوامر الخالق عز وجل ونواهيه، لا يزال يحتاج الي تضافر كافة الجهود عبر خطوات واجراءات عملية واقعية مستمرة جادة وحاسمة في هذا السبيل، تصون حقوق الموظف المنضبط، وتستأصل شأفة من ينحدر الي حومة هذا الداء العضال فلا يقف عند حد من انغمس في دائرة الإدمان بل يشمل من يثبت تعاطيه للمواد المخدرة ولئن كان المشرع قد احسن صنعا بإصداره لقانون شروط شغل الوظائف والاستمرار فيها(73 لسنة 2021) لمحاربة هذا الداء إلا أن مجرد وجود النصوص التشريعية لا يكفي بذاته فيما نري لتحقيق الغايات التي يسعى اليها القانون وإنما يتطلب ذلك عزيمة صادقة وإرادة جادة تبذل قصارى الجهد في هذا السبيل في اطار من الالتزام الصارم بحقوق وضمانات الخاضعين لهذا القانون وفي مقدمتها المساوة التامة بين الجميع وتمكين الموظف من التحقق التام من صدق التحليلات ومطابقتها للواقع.
ثامنا: خلصت المحكمة الدستورية العليا في قضائها الى الحكم بدستورية النص المطعون عليه فيما تضمنه من اسقاط اجراء الانذار كضمانة تسبق قرار انهاء الخدمة ومن ثم فانه لا مناص من دعوة المشرع مرة اخرى باعتباره المفوض دستوريا في حماية الحقوق والحريات وكفالة كل ما من شانه حمايتها فهو صاحب الرؤيا الاعم والاشمل والذي يملك في ضوء ما سلف بيانه تفصيلا من اعتبارات تتعلق بموضوع الإنذار ان يعيد الامور الى نصابها متطلبا الإنذار، حماية للموظف المنضبط وليس المتهاون المستهتر، والى ان يحدث ذلك يظل الدور الأهم معقودا للقاضي الطبيعي وهو القاضي الإداري كونَه المهيمن على وزن وتقدير سائر الاعذار التي يمكن ان تقدم في هذا الشأن في ضوء ما أحاط بها من ظروف وملابسات.
تاسعا: ان اصابة الاحالة الي المعاش المبكر للفوائد والاهداف المرجوة منها يجب ان تكون عبر موازنات دقيقة بين سائر المعطيات والمبررات خلوصا الي تلافي اهدار الطاقات البشرية القادرة على العمل والعطاء.
عاشرا: أن الترحيب بتمديد سن الإحالة للمعاش- وحسبما اوردنا ذلك بشيء من التفصيل في صلب هذه الدراسة- يتعين يكون عبر موازنة دقيقة بين الاعتبارات المتقابلة في هذا الشأن، والا يكون ذلك على حساب تمكين الشباب من تقلد الوظائف العامة، وان تسعى الدولة لفتح افاق ومجالات جديدة للعمل حيث تتعدد الوظائف وتتسع معها الطاقة الاستيعابية الحقيقية للجهاز الإداري للدولة.
حادي عشر: ان ما أدخله المشرع من تعديلات على دور لجان التوفيق في بعض المنازعات يتطلب دورا فاعلا تنهض به الجهة المشرفة على هذه اللجان وهي وزارة العدل تكفل من خلالِه كافة السبل وتهيئ سائر الظروف التي تحقق الغاية الأساسية من هذه اللجان واستجابة لما تقرر تشريعيا من توسيع لدورها وما كفله لها القانون بالنسبة لنفاذ قراراتها.
ثاني عشر: نهيب بالمشرع ضرورة الإسراع بتلبية هذا المطلب الذي انعقدت عنده كلمة الفقه والقضاء الإداريين ولم يفتأ كل باحث في هذا المجال وفي ختام بحثه ان ينادي به والمتمثل في اصدار قانون الإجراءات الإدارية المتبعة أمام القضاء الإداري بمفهومه الواسع تعزيزا لنهج القضاء الإداري المتخصص، فعبر هذه الدراسة اغتنم هذه السانحة كي اوجه دعوة خاصة للمشرع للبدء في السعي الجاد نحو اصدار هذا التشريع لخدمة نظامنا القضائي الإداري المصري ومحاولة لسد النقص التشريعي في المسائل ذات الطبيعة الإدارية البحتة ، واقرب المسالك نحو تحقيق هذه الغاية مراجعة نهج المشرع الفرنسي في هذا الصدد والذي حقق تقدما رائعا في هذا المجال حيث اصدر بتاريخ 12/8/2018 قانونا بشأن العدالة الإدارية وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 25/8/2018.
ثالث عشر: استدعاء حكم المادة 69/9 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة (1987 الملغي) والسالف ذكرها فيما كانت تقرره من إيقاف أثر الحكم الصادر لأول مرة في حق الموظف بالنسبة للعلاقة الوظيفية، وأن يترك إعماله للجهة الإدارية، وتحت رقابة القضاء، بما يتفق ومقتضيات الوظيفة العامة.
رابع عشر: ضرورة العمل المستمر ضمن خطة طموحة شاملة على رفع قيمة او مبلغ المعاش وجسر الهوة العميقة بينه وبين الراتب درءَ للآثار والمعاناة.