الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص الكثيرون من علماء المناهج يذكرون أن المقدمة في البحث العلمي إنما هي تلخيص لمباحث الرسالة، ثم تأتي الخاتمة لتكون بمثابة المرآة لأهم النتائج، بما تتضمنه من توصيات ومقترحات، وبناء على هذه القاعدة فإني سأذكر ما يلي:- • أولاً: أهم النتائج. 1- أن البحث العلمي دافع إلى الجد والاجتهاد، قيامه على الإبداع والابتكار، وإذا تخلى عن هذه الجوانب حَكم على نفسه بالجمود، وانتابت عقول القائمين عليه موجات القلق والشك والارتياب، بحيث لا يسلم شيء من الحقائق، دينية أو علمية أو غيرها. 2- أن قضية الأفكار الفطرية إنما هي مبدأ لحراك معرفي، يحاول إيجاد علاقة توافقية بين الحسيين بما لهم من وقوف على المادة، والعقليين الذين يحلقون في جنبات الفضاء المعرفي، وبناءً عليه تكون الأفكار الفطرية بمثابة القطعة الآمنة، التي يقف عندها الطرفان كل يؤازر الآخر. 3- إن دراسة الأفكار الفطرية في النمط المعرفي الفلسفي قد يقع لها نوع من الضيق الموضوعي، وعند عالم الدين قد يحدث العكس فتجيء الدارسة لتلك الأفكار مقاربة بين الاتجاهين، حتى لا يعتقد عالم الدين أن كل ما استنتجه من النصوص يجب تقديسه مع أنه وجهة نظر له، وأن ما بلغه الفيلسوف ليس مهبط وحي، وإنما هو توجه معرفي قد تكون له مبررات، أو لا تكون. 4- أن توجهات علماء الدين في وضع القواعد التي تقوم عليها الأفكار الفطرية، لو كانت صحيحة بإطلاقها، ما وقع خلاف بشأنها، أما وقد وقع فقد بان أن المسالة فطرية من ناحية الإطلاق، لكنها تحتاج داعم لها على ناحية التطبيق، والفرق بين الفهم النظري، والتطبيقي، والعملي، هو الذي تتمثل فيه الأبحاث، التي تدور حول الأفكار الفطرية، وبناءً عليه لا يغلق باب البحث فيها، وإنما يتم فتحه من جديد وعلى نطاق واسع. 5- أن تطور الأفكار الفطرية يمكن حمله على ابتكار موضوعات جديدة، هي التي يقع لها التطور، ويمكن حمله على أنه تطور في الآلة التي تتمثل فيها الأفكار الفطرية من ناحية الميول والاستعدادات، بحيث تسمح بإضافة معارف جديدة لم ينلها البحث، تكون بمثابة العدد المعرفية، والادوات التي يكشف عنها العلم حيناً بعد آخر، باعتبار أن العلم التراكمي من سماته أن يضيف اللاحق لما تركه السابق، و إلا كان الفكر عقيماً. 6- الثابت أن الأفكار الفطرية ليست نمطية جامدة، رغم مرور أحقاب زمانية متطاولة، ولابد أن يكون فيها جانب إبداعي متواكب مع روح العصر الذي يوجد فيه الانسان، ويتم عن طريق بحث الأفكار الفطرية من جديد. 7- أن اختلاف علماء الدين في بعض خصائصها أو طبيعتها، ليس معلوماً من الدين بالضرورة، إنما هو اجتهاد معرفي قد يخلص لصاحبه، وقد لا يخلص، ومن ثم فيمكن أن تقوم دراسات عديدة، حول الكثير من جوانب الأفكار الفطرية، حتى التي سبق أن تناولتها الأبحاث العلمية بالدرس، فالعلم لا يعرف الكلمة الأخيرة. 8- أن مظاهر الأفكار الفطرية ليست حدية بمعنى أنها ثابتة في عدد بذاته، وإنما هي قابلة للتطويع، الذي من شأنه أحد أمرين، إما الزيادة أو النقصان، وهذا مما يكشف عن ثراء القضية، واتساع جوانبها المعرفية. 9- أن علاقة الأفكار الفطرية بنظرية المعرفة، إنما هي علاقة فرع بأصل، إذ المعرفة منها فطرية، وعقلية، ونقلية، وتجريبية، وذلك لا يطعن في نظرية المعرفة، التي هي محل الدراسة. • ثانياً: أبرز التوصيات. 1- ضرورة الالتفات إلى أن المعارف الإنسانية ما تزال بحاجة إلى العديد من الدراسات التي تتناولها من جديد، وتقدم فيها ما يستحق الوصف بالاجتهاد، فذلك من شأن المعارف التي يقف عندها الإنسان. 2- العناية بمتقابلات موضوعات البحث، التي يشترك فيها عالم الدين مع الفيلسوف، حتى تزول الفجوة التي سادت قطاعات عريضة في أوربا، حينما فصلوا بين الدين والعلم، وتناجوا بأن العلم والدين عدوان، لأنها مقولة لم تقم على أصول صحيحة، بل الدين الصحيح والعقل الصريح صديقان، كل منهما يستمد وجوده من الله ، وبناءً عليه بفتح الباب للدراسات المتناظرة، والأخرى المقارنة، إذ المعلوم أن النتائج الاستهدافية لا تقوم على نمطٍ واحدٍ، بقدر ما تقوم على أنماطٍ متبادلة، تحمل نبأ الإعلان عن وجود الفروق الفردية، والقدرات العقلية. |