الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص ملخص الدراسة منذ نزول القرآن الكريم على النبى الجليل محمد بن عبد الله ـــــ صلى الله عليه ـــــ والذي فجر في ميادين العلم بحورًا من المعرفة والعلوم والقوانين والنظم , وبيان أن القرآن هو المرجع الوحيد لتعاليم الإسلام حيث بيان أعمال الإنسان في الحياة , والهدي للرأى الحق في كافة شئون الوجود , وبعدها توالت الفتوحات الإسلامية على البلاد , وانتشرت الحضارة الإسلامية وعم نورها علي العالم الشرقي بصفة خاصة والغربي بصفة عامة , وتدفقت المساعي والجهود في إقامة المؤسسات الثقافية والتعليمية لنشر التعليم بين أبنائها , على أن يكون هذا التعليم ملمًا بالثقافة الإسلامية شاملا جميع العلوم متكامل المعرفة , متسمًا بسمات الثقافة الدينية الإسلامية الشائعة في البلاد آنذاك , يقوم على تنشئة الفرد تنشئة يستطيع عن طريقها , أن ينظم العلاقة بينه وبين أفراد المجتمع الذى يعيش فيه , أو تنشئة تكسبه قوة ومهارة في معالجة أساليب الواقع , والأهم من كل ما سبق أن هذا التعليم كان قائما على أن ينشىء الفرد على علاقة قوية بربه بالشكل الذى كانت تؤمن به ثقافة العصور الوسطى . إذًا نستطيع أن نقول بأن الشرق الإسلامي القديم , كان مصدر المعارف العلمية والتفكير الديني , وكانت معارف الشرق تهدف إلى خدمة الحياة العلمية , وإلى تأكيد المعتقدات الدينية ..... , وهكذا سارت الحضارة الإسلامية و العربية في خطى تقدمية سريعة ظلت مبدعة فيها خلال قرون عديدة , كان تأثير العرب والمسلمين فيها , تأثيرًا فى عمق الحضارة الإنسانية , وإدراكهم لحقيقة الدين والعلم , التى كانت نقطة البدء , عندما استشعرت هذه الأمة جدية التحدى وخطره , فواجهت بفكرها الجديد الإسلامى , وعقيدتها البسيطة النقية مواريث الأمم السابقة , التى أصبحت تشاركها فى الدولة , مواريثها فى الفلسفة والعلم و المنطق و غيرها .... , منذ تلك اللحظة غاصت روح هذه الأمة إلى العمق , وفتشت عن تراثها الأولى والبسيط فى الحكمة , ويممت وجهها شطر قرآنه الكريم , وانخرط نفر من طلائع أبنائها على درب التأمل الفلسفى , وتجاوزوا ظواهر النصوص إلى ما وراءها , واجتازوا الحدود التى توقف عندها الفقهاء والنصوصيون , فبدأت تظهر , منذ ذلك التاريخ المبكر , قسمات البناء الفكرى الذى تمثلت فيه عبقرية هذه الأمة فى العلوم , إلى أن دبت في جوانب الدولة تغيرات مختلفة , فقد كان التعليم دينيا يتم في الكتاتيب والمساجد , وعلى الرغم من وجود مستويات للدراسة في حلقات المساجد , فإن المراحل التعليمية لم يفتقد فيها المسلمون الأزهر , إلى أن جاء محمد علي وأنشأ التعليم الحديث بعيدا عن الأزهر , ليخدم أهدافه وطموحه , وقصر دوره على تحفيظ القرآن الكريم , والأحاديث النبوية , وتعليم العلوم الدينية , وغلقه على هذه العلوم , بعد أن كان منارة العالم الشرقى وقبلة العلماء لتلقى هذه العلوم النافعة , ومن ثم أصبح في مصر نظامان للتعليم يوازي كل منهما الآخر , وقد عرف أحدهما بالتعليم العام , والثاني بالتعليم الأزهري , وأصبح النمط الغربي هو المثال والقدوة لكل ما يفعل ويبنى , فأهمل الأزهر والكتاتيب والتعليم الذى يقوم به الفقهاء , وأقام نظاما تعليميا حديث وفقا للنمط الغربي , ومن ثم بدأت مصر تعرف ذلك الازدواج الخطير بين نمطي ” التعليم الدينى والمدنى” ، فأصبح التعليم الدينى قاصرا على تعليم القراءة والكتابة , كوسيلة لحفظ القرآن الكريم على مشايخ من أهل البلاد وبعده ينصرف الأولاد الى الحرف المختلفة ، أما التعليم المدنى، فقد كان يعد تلاميذه للالتحاق بالوظائف الحكومية . والذى ترسب عن ذلك هو إهمال الأزهر والجمود على علومه دون تجديد , وانصراف المجتمع إلى المدارس الحديثة التى بدأ بإقامتها محمد على , وإرسال البعثات إلى أوروبا وغيرها لتلقى العلوم الحديثة , فكانت تعتبر هذه البعثات لها الصدارة فى رفع ستار الجمود الذى ظل الأزهر فيه أعوام عديدة , والذى كشف عن هذا الجمود الطالب المجتهد , والمصلح المجدد رفاعة الطهطاوى , الذى كان من ضمن أولى هذه البعثات , لينقل لنا أسباب تقدم الغرب عنا , وتطلعاته لكى تكون بلاده فى تقدم وازدهار مثل بلاد الغرب وهذا لا يتأتى إلا من خلال التعليم , الذى دب الازدواج فى أركانه . .... ومن ثم فقد كشفت الدراسة عن بعض أهم رواد إصلاح الأزهر ومجدديه , وبيان آرائهم في عملية التجديد وإصلاح التعليم بصفة عامة والأزهر بصفة خاصة , وبالرجوع الى كتب التاريخ والتراث , تم إلقاء الضوء على بعض العلماء الذين تربوا فى الأزهر ونبتوا بجانب أعمدته , ثم سافروا إلى الخارج فاكتسبوا من هناك باقى العلوم , ثم عادوا لينشروها فى البلاد بعبير الإسلام والإيمان والإصلاح . وكان من نتيجة الازدواج الذى تخلق من التعليمين , فى بُعدهما عن بعض ظهور بعض القوانين لإصلاح الأزهر ليتلاقى التعليمين , وتتوحد أهدافهما في أداء دورهما المطلوب , إلى أن جاء قانون 103 لسنة 1961 , قانون الإصلاح فى الأزهر , والذى كان بمثابة نافذة لدخول شمس التجديد إلى ميادين التعليم , والذى كان من شأنه تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها , وتزويد الطلاب بثقافة عامة فى الدين الإسلامى واللغة العربية , لإعدادهم للدخول فى كليات الجامع الأزهر , ومما نص عليه القانون أيضا حق الطلاب للإلتحاق إلى المدارس الأخرى غير الأزهرية , بعد اتمامهم المرحلتين الابتدائية والإعداية الأزهرية , وكذلك فى المدارس الابتدائية والإعدادية التابعة لوزارة التربية والتعليم إذا أراد طلابها الإلتحاق بالمعاهد الأزهرية , بعد أداء الأمتحان المناسب فى بعض المواد , إلا أننا نلاحظ أن هذا القانون أثقل على طلاب التعليم الأزهرى بمناهج وزارة التربية والتعليم بجانب مواده الأساسية , مما كان له أكبر الأثر فى الانشقاق بين التعليمين , وعدم تحقيق الغرض المرجو منه , وبالنظر الى مناهج التعليم الدينى فى المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم , والتعليم الأزهرى وجد بينهما فجوة كبيرة , وبينهما برزخٌ لا يبغيان وكأن كل تعليم يغرد فى سرب لوحده . ومن ثم , انطلقت الدراسة من حاجة توحيد التعليم الأساسى , وإبراز أهمية دور الأزهر إذا ما تحرر مما أصابه من الجمود والبُعد الثقافى والحضارى , الذى يعمق فى جوهره , فتظهر مسئوليته فى وصل الماضى بالحاضر بالمستقبل , وتعى قوة هذا المستقبل على تشكيل الماضى بالحاضر التى تنبه إلى قدرة الإنسان على التعليم والتغيير والابتكار , وبناء المجتمع , والذي لا يكون إلا بالعلم والمنهج الإسلامي , الذي يقوم على فكرة شمولية العلم وإطلاقه , فلا يحدده مكان ولا يقيده زمان , عملا بقوله تعالى { } ( طه . 114 ) , ومن ثم تمكن أبناء المجتمع من صناعة مستقبلهم , ومستقبل بلادهم المغلفة بالثقافة الإسلامية , والتى تُفتح أمامهم الطرق للتصوير والابتكار والتفكير , فيما قد يظهر أمامهم من مشكلات وصعوبات لم تكن فى طيات الماضى أو ثنايا الحاضر . إذًا نستطيع أن نستخلص أن دراسة العلوم بمختلف أنواعها من جهة إسلامية تستطيع أن تقوم بعمل : 1 ـــــ المساعدة بصورة أكبر فى فهم الدين , ومعنى القيام به وتطبيقه . 2 ـــــ تنشئة جيل جديد على قدر كبير وعال من الثقافة الإسلامية خاصة والثقافة الغربية عامة . 3 ـــــ توحيد الجيل الواحد على كلمة واحدة , وعلى هدف واحد وهو الإخلاص , الإصلاح , إقامة مجتمع إسلامي . 4 ـــــ تنمية قدرات وإمكانات الطلاب , بحيث يتكيفون مع المجتمع المدنى الحديث , الذي يعيشون فيه فيقبلون واقع المجتمع ويقبلهم , ويعدون للتفاعل معه من أجل إشباع حاجاتهم , والعمل على تطور المجتمع وتقدمه . ومن ثم هدفت الدراسة إلى : ــ تحليل السياق التاريخى للتعليم فى الجامع الأزهر منذ عهد الفاطمييين , إلى العصر الحديث والتعرف على شكل التعليم الأزهرى فيه . ــ كيفية جهود الجسر بين التعليمين فى مرحلة التعليم الأساسى فى الفجوة التى تخلقت بينهما نتيجة الأزدواج التعليمى . ــ جهود مفكرى ورواد الأصلاح والمجددون فى التعليم . ــ ضرورة وحدة التكامل الثقافى فى المجتمع . ــ دور التعليم فى توفير التكامل الثقافى بين أفراد المجتمع . ولتحقق هدف الدراسة استخدمت الباحثة بعض المناهج العلمية , كالمنهج التاريخى , والمنهج الوصفى , حيث تضرب هذه المشكلة جذورها فى تاريخ مصر الحديث , وتلامس بشدة واقعا تعليميا تعيشه مصر الآن , وتتطلع إلى مستقبل تعليم وطنى , يتم فيه التخلص من النقاط السلبية التى تساعد على انتشار الازدواجية . ولكى تتفادى الباحثة التكرار فقد استعانت ببعض الدراسات السابقة كمرجعيات للدراسة , وإكمال طريق ما بدأه الآخرون , فمنها ما تناول تطور العلاقة بين التعليمين , ومنها ما تناول تطور التعليم الأزهرى وتقوميه فى ظل قانون إصلاح الأزهر رقم 103 لسنة 1961 , هذا وقد تضمنت الرسالة خمسة فصول وخاتمة : ـــــ ــ الفصل الأول : الإطار العام للدراسة . ــ الفصل الثانى : (الأساس النظري للتعليم الديني والمدني وتداعياته على المجتمع المصري ) , بداية التعليم الحديث ( المدنى ) , والنهضة العلمية , التعليم ( الدينى ) الأزهرى , ودور الأزهريين في التعليم الحديث , أولى صيحات التجديد في الأزهر , مدرسة الألسن نموذج للتكامل الثقافى , والمزج بين العلوم المختلفة , مفارقة التعليم الحديث ( المدني ) , عن التعليم الديني ( الأزهري ). ــ الفصل الثالث : دعوات التجديد عند بعض مفكرى الإتجاه الإسلامى فى العصر الحديث , جهود رفاعة الطهطاوى , على مبارك , جمال الدين الأفغانى , محمد عبده , عبد العزيز جاويش , طه حسين , جهود للتقريب بين التعليمين . ــ الفصل الرابع : جهود التجديد العملية فى الأزهر حتي قانون 1961م , ما فعله الاحتلال بالتعليم المصري , ظهور القوى الوطنية فى إصلاح التعليم , قوانين إصلاح الأزهر , تجارب تعليمية للجمع بين الثقافتين ( العربية الإسلامية ـــــ والغربية ) , جهود الأزهريين فى تطويرالأزهر , قانون تطوير الأزهر رقم 103 لسنة 1961 , أبرز النتائج التى واجهها المجتمع المصرى بما سببته هذه الثنائية , الأصل فى التعليم . ــ الفصل الخامس : توصيات الدراسة . ــ الخاتمة . |