Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
”تصوير الطيور المقدسة في الفن الهلِّيني” :
المؤلف
مرسي، سارة سمير محمد .
هيئة الاعداد
مشرف / سارة سمير محمد مرسي
مشرف / منى عبدالغني حجاج
مشرف / عبدالحميد عبدالحميد مسعود
مناقش / وفاء الغنام
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
737ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
علم الآثار (الآداب والعلوم الإنسانية)
تاريخ الإجازة
1/1/2015
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - قسم الآثار- شعبة الآثار اليونانية والرومانية.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

مقدمة
منذ الألفية الأولى قبل الميلاد وحتى فترة العصر الكلاسيكي فإن الطيور قد وضعت في إطار مقدس وجد في الأدب والتمثيل الفني، يظهر ذلك في إشارات هوميروس للطيور ضمن أعياد الظهور للإلهات هيرا وأثينا و ثيتيس وديميتر، ويبدو أن تلك الإشارات من العصر الحديدي لهوميروس قد استوحيت من طيور أعياد الظهور في الفن في العصر البرونزي، أما اريستوفانيس فقد زعم أن الطيور كانوا أسياد وملوك الأرض قبل الآلهة، فحكم الديك الفرس وحكم طائر الحدأة الإغريق وكانت طيور الوقواق ملوكًا على مصر وفينيقيا، ثم جاءت الآلهة لتنتزع سلطانهم.
وإن كان زعم أريستوفانيس مجرد إشارات ساخرة لمكانة الطيور في المعتقد الإغريقي، فهناك ما هو أبعد من ذلك حيث يعتقد البعض أن الطيور قد عبدت في بلاد الإغريق القديمة ضمن عدد من الحيوانات في مرحلة مبكرة من نشأة الديانة، ومنهم Fairbanks الذي رأى أن الطيور المرتبطة بالآلهة لم تكن مجرد رموز لها بل كانت مكافئًا لها في العبادة، ويذكر Burkert أن الآلهة الإغريقية الشبيهة بالبشر كانت في الأصل آلهة حيوانية عبدت في البداية ولكنها تحولت فيما بعد للأشكال البشرية وانعكست الهيئة الحيوانية في القرابين المقدمة للمعبود مثل الثور لزيوس وبوسيدون والظبي لأرتميس، وبذلك فإن الإله مطابق لضحيته، كما يظهر هذا التطابق من خلال التحولات الحيوانية للآلهة والتي روتها الأساطير، وأيضًا يعد تحويل التضحية البشرية التي سادت منذ القدم إلى الحيوانية داعمًا لذلك، وفي المقابل يرى Rouse أنه لم تكن هناك عبادة للطيور أو الحيوانات من مخصصات الآلهة، ولكن كانت تعبر عن قوة الإله التي يتشارك فيها معها، مثل ثعبان اسكلبيوس في شفاءه ولعنته، ولم تكن الحيوانات المرافقة للمعبود مكافئة له أو مساوية له في المكانة المقدسة.
وتقودنا جميع الآراء السابقة إلى البحث عن معنى التقديس للكائن المرافق للمعبود، خاصة الطائر، الذي يبدو أنه حظي بمكانة فاقت الحيوانات الأخرى، وهو ما نستنتجه أدبيًا من إشارات هوميروس وأريستوفانيس، وفنيًا من خلال مشهدين من رسوم الفخار الهليني يعودان للقرن الخامس ق.م.، أحد ألمشاهد يصور كاهنًا يتقدم بقربان حيواني إلى مذبح يقف عليه طائر بوم ضخم صورة (46)، والثاني تتوجه فيه سيدة، ربما أرتميس لتقدم إناء فيالي وفرع نباتي على مذبح يقف عليه طائر الغراب، ويظهر كل من الطائرين بشكل به هيبة وشموخ وكأن القربان مقدم إليه صورة (93)، قد يحمل المشهدان إجابة للتساؤل عن المنزلة التي اتخذتها الطيور المقدسة في الديانة الإغريقية، فالقربان لا يقدم سوى لإله وهذا يعني أن الطائر على المذبح ربما يكون قد تم تأليهه، أو مصور هنا بدلًا من المعبود وبالتالي فهو مكافئ له مما يؤدي إلى نفس النتيجة أيضًا، كما أن الشخص الذي يقدم القربان في مشهد البوم هو كاهن وفي مشهد الغراب أرتميس مما يزيد من قدسية الوضع، ولكن ندرة مثل تلك المشاهد بين عدد يصعب حصره من نماذج تصوير الطيور، بالإضافة إلى عدم وجود أي طقوس أو مراسم لهذه العبادة قد وردت في المصادر الأدبية أو صورها الفن كل ذلك يقف حائلًا بيننا وبين الجزم بأن الطيور كانت من بين ما عبده الإغريق خاصة في الفترة الهلينية.

شكل (1) شكل (2) كاهن يقدم قربان حيواني إلى مذبح أرتميس تقدم إناء فيالي وفرع نباتي يقف عليه طائر البوم على مذبح يقف عليه غراب (انظر الكتالوج صورة 46) (انظر الكتالوج صورة 93)
وسواءً كان أي من الآراء المتناقضة سابقة الذكر صحيحًا، فهناك نتيجة هامة وهي أن الطيور قد حظيت بمكانة مميزة في الديانة الإغريقية القديمة، وإن كانت لم تصل إلى مصاف الآلهة، فإنها فاقت كونها مجرد رموز لها، فهي بين ذلك وذاك. فيذكر هوميروس أن الطيور هي رسل الآلهة للبشر، حيث إن الحرية من سيطرة الإنسان وإمكانية الوصول إلى السماء قد ربطتها بالآلهة التي تعيش هناك، فكانت الوسيلة لمعرفة إرادة الآلهة من خلال ملاحظة طيرانها، فأصبحت الطيور أهم العناصر التي تم الاعتماد عليها لمعرفة الطالع والفأل، وكانت كلمة طائر في اللغة اليونانية القديمة O)/rnij ترادف كلمة فأل أو طالع، واتخذت مراقبة ورصد الطيور كأهم وسائل التنبؤ والتنجيم التي تخصص فيها بعض الأشخاص، وعرف عن هؤلاء براعتهم في التنبؤ بمشيئة الآلهة من خلال صياح الطائر واتجاه طيرانه فإن كان إلى اليمين يكون الطالع جيدًا، وإن كان إلى اليسار فيكون طالع شؤم، وبالفعل كان للطيور دور هام في هذا المجال برز أثناء حب طروادة، حيث نبأت الطيور بانتصار الإغريق وسقوط مدينة طروادة.
وبناء على ذلك فكانت الطيور الأكبر حجمًا بما يكفي لملاحظتها وخاصة الطيور الجارحة الأقوي الأقدر على التحليق والاقتراب من السماء هي الأكثر أهمية من الناحية القدسية من الطيور الأخرى التي تطير في أسراب، أو غير القادرة على الطيران، ولكن لا ينفي ذلك المكانة الكبيرة لتلك الطيور ولكنها تأتي في المنزلة التالية للطيور الجارحة، ويعد دليلًا على ذلك ارتباط زيوس ”ابو الآلهة” بالعقاب، وأثينا ربة الحرب بالبوم، وأبولو معبود الفن والشباب والموسيقى بالصقر، وهي أهم الآلهة الإغريقية، ولكن حظيت طيور غيرها أيضًا بمكانة كبيرة من خلال صفات أخرى ميزتها بخلاف الطيران، مثل الديك الذي ارتبط بعدد كبير من الآلهة وحظي بالعدد الأكبر من نماذج التصوير على الفخار والتمثيل في الفنون الأخرى، ويبدو أن الهيئة الطيرية نفسها كانت أحد أسباب تقديس الطيور، خاصة الأجنحة التي ميزت جميع الطيور سواء القادرة على الطيران أو الطيور الأرضية، فهذا الجزء كانت له إيحاءات روحية خاصة في ديانات العالم القديم وهو مايدل عليه استخدامه كجزء أساسي للحيوانات الخرافية والكائنات المركبة التي ابتدعتها العقلية اليونانية، فقلما يخلو أحدها من الأجنحة، مثل أبو الهول والسيرينيات والجريفين.
وهذه المكانة الكبيرة للطيور انعكست فنيًا في عدد لا حصر له من نماذج التمثل في الفن الإغريقي وخاصة التصوير على الفخار، وعلى الرغم من ذلك لا توجد دراسة شاملة تتناول تلك الأمثلة من الناحية الفنية، وربما وجدت بعض الدراسات التي شملتها من الناحية الدينية أو الأدبية، ولكنها لم تكن مجمعة ولم تشمل أي ارتباط بين الشكل الفني والجانب الفكري والعقائدي الذي كان عاملًا مؤثرًا بالمقام الأول في تناول تلك الطيور في الفن وكيفية تصويرها بالإضافة إلى الجانب الطبيعي للطائر، فلا يمكن تكوين فكرة كاملة عن الطائر المصور إلا بدمج جميع العناصر سابقة الذكر معًا، ومن ناحية أخرى فقد كان الفن هو المقياس لتحديد الطائر الأكثر مكانة في المجتمع الإغريقي القديم، حيث ذكرت الأساطير والإشارات الأدبية العديد والعديد من الطيور، ولكن تميز الأهم منها والأكثر تأثيرًا من خلال ظهوره في الفن، مما حتم وجود دراسة شاملة عن الطيور المصورة تلقي الضوء على الجانب الفني بالإضافة إلى الديني والأدبي.
وتناقش الدراسة تصوير الطيور على الاواني الفخارية في العصر الهليني ( العصر الأرخي 560 – 480 ق.م، والكلاسيكي 480 – 334 ق.م.) وتختص منها الطيور ذات الرمزية الدينية والأسطورية، الطيور ذات الصلة بالآلهة أو شخصيات أسطورية أو طقوس دينية وقد تم جمعها تحت اسم ”الطيور المقدسة”، وتربط الدراسة الجانب الأدبي والديني بالجانب الفني لتلك الطيور ونماذج تصويرها، فقد شملت الطائر من الناحة الطبيعية إلى جانب مناقشة الناحية اللغوية، وكذلك المكانة الدينية للطائر وما ارتبط به من طقوس أو أساطير وكل ذلك ساعد في تحليل السمات الفنية لتصوير الطائر على الأواني الفخارية.
تقسيم الدراسة:
اقتضت طبيعة الدراسة تقسيمها إلى أربعة فصول على النحو التالي:
الفصل الأول : الطيور الجارحة (العقاب – البوم – الغراب - الصقر)
الفصل الثاني : الطيور الداجنة ( الديك – الحمام – الحجل – السمان - الطاووس)
الفصل الثالث : الطيور المائية ( الأوز – مالك الحزين – الكراكي - البط)
الفصل الرابع : دراسة فنية تحليلية
وهذه الطيور تم تصنيفها على أساس بيولوجي، ويشمل كل فصل من الفصول الثلاثة الأولى نبذة علمية طبيعية عن الطائر، ثم مناقشة الجانب اللغوي لاسم الطائر في اللغة اليونانية القديمة في ضوء أهم الإشارات الأدبية التي تناولت ذكر ذلك الطائر، وبعد ذلك يأتي الجانب الديني والأسطوري للطائر، ثم السمات الفنية لتصوير الطائر على الأواني الفخارية من حيث الشكل والأوضاع وموضوعات التصوير بالإضافة إلى محاولة تحديد النوع المصور منه.
وتأتي الدراسة التحليلية الفنية في الفصل الرابع والأخير، وهي دراسة شاملة تضم في المبحث الأول الموضوعات التي صورت الطيور المقدسة من خلالها على الفخار الهليني ومنها الموضوعات الدينية والموضوعات الرمزية و الزخرفية وطيور داخل الرواية الأسطورية وطيور مرافقة لمعبود، وكذلك أنماط تصوير الطيور في المبحث الثاني، حيث وجد عدد من الانماط اتفقت في أشكالها وطريقة تصويرها ومنها ما ميز فترة بعينها، ومنها نمط سكيفوس البوم، وعراك الديوك، ونمط المطاردة، والطيور داخل الإطار الدائري، والأفاريز وغيرها، ثم المبحث الثالث ويناقش السمات الفنية لتصوير تلك الطيور على الأواني الفخارية، وفي المبحث الرابع التتبع التاريخي لنماذج تصوير الطيور وتطور سماتها الفنية خلال فترة الدراسة.
الدراسات السابقة:
ومن الدراسات السابقة التي تمت الاستعانة بها ما يلي:
Thompson, D.W., A glossary of Greek birds, London, 1895
وهي دراسة تشمل سرد أبجدي لأسماء الطيور باللغة اليونانية القديمة مع أهم الإشارات الأدبية إليها.
Pollard, J., Birds in Greek Life and Myth, Great Britain, 1977
عمل يشمل أنواع الطيور التي عرفت في بلاد اليونان القديمة مع بعض الإشارات الاسطورية والدينية لها.
Boraston, J. M., The Birds of Homer, in: JHS 31 (1911)
مقالة تشمل الطيور الواردة لدى هوميروس ومحاولة تحديد الأنواع المقصودة من الناحية الطبيعية.
Douglas, E.M.,the owl of Athena, in: JHS 32 (1912)
مقالة تناقش أحد أهم المشاهد لطائر البوم على الفخار الهليني والتي عبرت عن المكانة المقدسة للطائر ضمن الحديث عن درجة تقديس الطيور والحيوانات المرافقة للمعبود في الديانة الإغريقية القديمة.