الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص أن منطقة الشرق الأوسط تواجه العديد من الأزمات والقضايا الدولية التي تشكل خطراً وتهديداً مباشراً لأمن واستقرار المنطقة كما تمثل تهديداً لأمن واستقرار العالم بآسره، خاصة وأن تلك القضايا لم تعد محصورة في نطاق دولة أو مجموعة من الدول بل آخذت تتجاوز الحدود والقارات، ومن بين التحديات المتعددة التي باتت تهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط في ظل المتغيرات الدولية المعاصرة، تبرز نزاعات المياه في الشرق الأوسط وتأثيراتها علي الأمن القومي العربي لتصير محلاً للصراع الدولي الجديد. وتعد منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق المعرضة ليس فقط لنقص مواردها المائية وإنما لصراعات سياسية حول هذه الموارد، إذ أن مواردها المائية تأتى إليها من خارج حدودها السياسية وبالتالي فهي تعانى محدودية التحكم في تلك الموارد، وذلك بسبب سيطرة دول الجوار الجغرافي على أكثر من 60% من منابع الموارد المائية العربية، ومن ثم استخدام المياه كورقة ابتزاز سياسي بين الدول بعضها البعض مما يجعلها محملة بالصراعات التي يمكن أن تشتد بين أطرافها في شكل صدام عسكري من أجل المياه، هذا إلي جانب زيادة التدخلات الدولية والإقليمية في شؤون المنطقة والقيام بأدوار فاعلة لقوى دولية من طرح مجموعة من الأفكار والمبادئ من شأنها الإضرار بالموارد المائية العربية كالدعوة لإنشاء بورصة للمياه وتسعير المياه وجعلها سلعة قابلة للبيع وهو ما يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي. هذا بالإضافة إلي التهديدات الإسرائيلية للمياه العربية وسيطرتها علي كافة الموارد المائية والمياه الجوفية بالأراضي الفلسطينية ونهر الأردن واليرموك ونهر الليطاني والحاصباني والعاصي بلبنان وبحيرة طبرية السورية، والتي تشكل جميعها ترسانة مائية لا يمكن لإسرائيل الاستغناء عنها، من أجل تحقيق الحلم الإسرائيلي بأن تمتد حدود دولتهم من نهر النيل إلي الفرات، وهناك التهديدات التركية للمياه العربية فسياسة تركيا المائية تحكمها دوافع سياسية واقتصادية لا تقل خطراً عن السياسة الإسرائيلية وهو ما يشكل تحدياً آخر للأمن المائي العربي. وتؤكد الدراسة علي أن صنع السلام في الشرق الأوسط لن يكون بسيطاً بل معقداً جداً خاصا في ظل وجود التغيرات السياسية والثورات العربية التي تشهدها المنطقة حالياً، وكذلك السياسة التوسعية التي تنتهجها إسرائيل وتحالفتها الاستراتيجية مع دول المنابع للأنهار، ولهذا فإنه من المتوقع أن تفرض الأوضاع المائية إما تعاوناً إقليمياً أكبر بين دولها وإما صداماً سياسياً بل ونزاعات مائية كبيرة ستزداد حدة في المستقبل القريب، وقد تتحول إلي حروب وصراعات مسلحة أكثر عنفاً إذا لم تتدارك الدول المتشاطئة وتتفق علي اقتسام مياه الأنهار معاً، لأنها قضية حياة أو موت، وجود أو فناء فبدون المياه لن تكون هناك حياة ولا اقتصاد ولا تنمية. |