الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص عبد الغفار بن نوح القوصي ، من أبناء الأقصر وقوص ، عاش كل حياته في ظل حكم المماليك البحرية ، والمصريون يرونهم حكاماً غير شرعيين للبلاد ، كان قيام دولتهم استجابة لما أملته الظروف التاريخية على العالم لإسلامي المحاط بالمخاطر . وهم يدركون ذلك جيداً ؛ فعملوا منذ اللحظة الأولى على جذب المصريين إليهم ، فكان الدين من أوسع الأبواب التي دخلوا بها قلوبهم ؛ فهو عصر التدين ، والمصريون معروفون بانصياعهم لكل ما يتعلق بالعقيدة . وقد أحيط الناس في ذلك العصر بظروف قاسية (سياسية ، واقتصادية ، واجتماعية ) استغلها شيوخ الصوفية استغلالاً طيباً ، فنشروا مريدهم في كل الأقاليم ، وبثوا تعاليمهم ووصاياهم ، وجذبوا الناس إلى طريقهم ؛ وفي طريقهم وجد الناس السكينة والأمان ، فكان التصوف دواء ناجعاً عالج ما يجدونه من الآلام والمشكلات التي كانت تصارع نفوسهم ، وتظهر لهم عجزهم وفاقتهم . وابن نوح رمز ومثال للقوم في بيئة قوص ، كتابه (الوحيد...) وشعره الذي بين أيدينا يؤكدان أنه من الصوفية العمليين الذين نأوا بأنفسهم عن فلسفة التصوف وتعقيده ، وهي صفة غلبت على التصوف المصري في ذلك العصر ، وأغلب الظن أن مرجع هذا الالتزام المصري ، وعدم المغالاة في التصوف نتيجة أن أكثر الصوفية المصريين كانوا من الفقهاء وكبار العلماء ، وأن فلسفة الدين أمر يناقض بساطة الإنسان المصري والتزامه الديني . ومما يلفت نظر الباحث في شعر ابن نوح الصوفي ، تلك المعاني العميقة من الذل والحزن التي سيطرت على أكثر شعره الصوفي ، والتي ربما يعبر بها عن معنى عام وروح سائدة في عصره وبين من حوله ، وهو شعور بالعجز : العجز عن ممارسة الحقوق ، والعجز عن بلوغ المطالب وتحقيق الآمال .... |